رواية رائعة بقلم دعاء عبد الرحمن

موقع أيام نيوز


ليا يا حبيبى ...أنا مبسوطة بيك أوى يا بلال وانت بتنبهنى وبتقولى الكلام ده وبالطريقة دى
أبتسم وهو ينظر لعينيها وقال بحب
لا اعملى حسابك مش كل مرة هتكلم بالطريقة دى ..المرة اللى جاية فى ضړب .. ومش أى ضړب .. ده هيبقى ضړب بضمير.. وطبعا انت عارفة ضميرى ..فاهمانى
ضحكت عبير وهى تحمل الطفل قائلة
إلا عارفة.. أنت هتقولى على ضميرك برضة ..انا هروح بقى اصلى وبعدين أحضر الغدا

لحق بها عند باب الغرفة وقال
لا بلاش تدخلى المطبخ
ألتفتت له بدهشة وقالت متعجبة 
ليه
قال بمزاح وهو يمسح على شعرها
بغير عليكى من عيون البوتاجاز
ضحكت عبير وأحمرت وجنتيها وخرجت مسرعة توضأت وصلت العصر وأعدت الطعام كأحسن ما يكون ولم لا فلقد بثها حنانا فأطعمته جمالا جعلها ملكة فوضعته على عرش قلبها وتوجته حاكما وملكته صكوك غفرانها
أخذت عزة الهاتف وسحبت السلك خلفها ودخلت غرفتها وأغلقتها خلفها وهى تضع سامعته على أذنها وتسندها بكتفها وابتسامتها واسعة ثم قالت بصوت خفيض
وحشتنى
قال مداعبا
أيه الجرأة دى كلها.. وحشتنى مرة واحدة ..الله يرحم
أحمر وجهها وقالت بعتاب
كده يا عمرو .. طب انا غلطانة .. مش هقولك حاجة تانى
قال على الفور
لالالا بهزر معاكى يا شيخة .. أنت ايه ما بتصدقى علشان تمنعى عنى الدعم السنوى
أتجهت إلى فراشها وهى تحمل الهاتف وكأنها تحمل قلبها بين يديها بعناية وجلست عليه وقالت بشوق
بجد يا عمرو .. هتيجى أمتى وحشتنى جدا
أستلقى على فراشه ووضع يده تحت رأسه وقال بهمس
وانت كمان وحشتينى أوى .. بس ڠصب عنى والله .. بس عموما هانت كلها أسبوعين وتلاقينى عندك وساعتها بقى يا جميل هبقى عاوز عشرة يكتفونى زى الراجل ابو عضلات ده اللى بيقعد فى المولد يقول عاوز عشرة يكتفونى وبعدين يعيط ويقول وعشرين يفوكونى
لم تضحك لدعابته بل قالت بعبوس
أسبوعين يا عمرو.. لسه أسبوعين كمان .. وياترى بقى زى كل مرة هتيجى يومين وتمشى تانى
أراد عمرو أن يغير مجرى الحديث فهو يعلم أنها ستبكى بعد قليل كعادتها وتطالبه بترك شركته التى أتعبتها شوقا له منذ عقد قرانه عليها فقال 
فاكرة يا وزة يوم كتب الكتاب عملتى فيا أيه.. بقى فى عروسة تسيب جوزها زعلان وتقعد تاكل !
ابتسمت وقد تذكرت ذلك اليوم وقالت 
كنت بهرب منك .. أنت مكنتش شايف شكلك ساعتها
ضحك ضحكات رنانة اختلج لها قلبها وقال
معاكى حق .. أنا كنت عامل زى القطر اللى من غير سواق
ضحك مجددا وخفق قلبها مرة اخرى وهى تستمع لمغازلاته واشواقه التى لا تنتهى
وفى الليل دخل فارس فراشه واستلقى فى أرهاق شديد أمسك جبينه بيديه يشعربألم شديد فى رأسه نهض مرة أخرى وجلس خلف مكتبه الصغير يبحث عن حبات مسكنة للصداع تناول واحدة منها وشرع فى إغلاق درج مكتبه مرة أخرى فوقع بصره على الصور الفوتوغرافية الصغير مبعثرة داخله أبتسم وقد علم أن مهرة كانت تشاهدها وأغلقت الدرج سريعا بحيث بعثرت ما به أعادها بعناية كما كانت سابقا وهو يحاول أن يذكر نفسه بأن يحضر ألبوما للصور لكى يحافظ عليها من أى أهمال قد يصيبها فهى تمثل حقبة مهمة من حياته منذ أن كان صبيا فى الحادية عشر من عمره عندما ولدت مهرة فى غياب والدها وحملها طوال الليل بعد أن أهملها الجميع فقد كان الجميع منشغلا فى والدتها التى أصيبت بڼزيف حاد بعد ولادتها وأعطتها له والدته يحملها ويرعاها ووضعت بجوار كوب به ماءا مختلطا بالسكر ليسقيها حتى تعود إليه ونسيها الجميع معه كان يسقيها تارة ويتأملها تارة ويدور بها فى الغرفة حتى يسكت بكاؤها الذى لم يطل كثيرا وأخذ يفكر فى أسم يليق بملامحها البريئة وعينيها الواسعة الخلابة حتى بزوخ فجر يوم جديد كان قد أاتقر على أسمها الجديد والذى استقاه من اسمه وقد كانت مهرة .
أنتزعه صوت هاتفه المحمول من عالمه الخاص وابتسم وهو ينظر لأسم المتصل وأجابه على الفور
حظك حلو لسه كنت هعمل الموبايل صامت وهنام
ضحك عمرو وقال مداعبا
والله وعرفنا الموبايلات والصامت والحركات ربنا يخاليك لينا يا شارع عبد العزيز
ضحك فارس لدعابته وقال 
والله عمرك ما هتتغير.. ده انت تستحق الپهدلة اللى انت فيها
زفر عمرو بقوة وهو يقول
وأى پهدلة يا صاحبى .. أنا مش عارف هو انا مهندس ولا متهم وواخدينه كعب داير
وأنا مش عارف انت متمسك بالشركة دى كده ليه طالما مطلعين عينك
أعمل ايه بس يا فارس منا دخت على شغل كتير.. مش لاقى حتى نص المرتب اللى باخده من الشركة دى
خلاص بقى أستحمل ومتشتكيش
خلاص هانت.. بابا كلمنى وقالى ان فى شقة على أول شارعنا هتفضى قريب وإيجارها معقول أوى وهو ظبط مع صاحب البيت خلاص .. المهم انت عامل ايه وهتدخل أمتى ..لما تخلل ولا قبلها بشوية !
نظر فارس أمامه وقال بحسم
خلاص يا عمرو .. أنا مش هستحمل أعذارها أكتر من كده.. كبيرها معايا شهرين.. أخلص فيها الرسالة ومش هقبل أى تأجيل تانى خلاص
تحدث قليلا مع صديقه وعاد إلى فراشه مرة أخرى مستعدا للأستغراق فى نوم عميق ولكن عقله كان شاردأ فى علاقته بدنيا ووضع أمامه علامات استفهام كبيرة هل حقا هى التى تؤجل الزفاف بدون أسباب مقنعة ام هو الذى كان يوافقها على أسبابها تلك وكأنه يرحب بالتأجيل ! كيف ستسكن فى شقة واحدة مع أمه وهما مشاعرهما متنافرة تجاه بعضهما البعض لن يستطيع أن يترك أمه وحدها مهما كانت الأسباب وخصيصا أنها خلوقة لا تؤذى احدا بلسانها ولا
بافعالها ولا تتطفل على أحد ولن تسبب لهما أى ضيق فى حياتهما الزوجية هى فقط تريد من يرعاها ويذكرها بدوائها ويتسامر معها قليلا حتى لا تشعر بالوحدة فهل هذا بكثير عليها فى مثل هذا العمر .
فى الصباح خرجت مهرة لتذهب لمدرستها لأختبارات نهاية العام ولكنها توقفت فجأة أمام باب شقة فارس كانت تود أن تراه صعدت مرة أخرى أربع درجات من السلم للخلف ووقفت تنتظره فهو يذهب إلى عمله صباحا فى هذا التوقيت وقفت أكثر من ربع ساعة حتى سمعت مقبض الباب يدور من الداخل والباب يفتح فتصنعت النزول وكأنها قابلته صدفة أبتسم لها قائلا
صباح الخير يا مهرة .. رايحة الامتحان 
أبتسمت فى خجل وقبل أن تجيبه وجدته قطب جبينه وهو يقول بجدية
أيه ده يا مهرة .. الحجاب صغير كده ليه
وضعت يدها على أطراف حجابها ونظرت إليه وقالت
مش صغير ولا حاجة.. ده كبير بس بلفوا بطريقة معينة زى صحباتى ما بيعملوا
حك ذقنه قليلا ثم طرق باب شقته فتحت والدته ونظرت لهما دهشة فأشار إلى مهرة وقال بضيق
خديها يا ماما لو سمحتى جوه خاليها تظبط حجابها
وقفت مهرة أمام المرآة تعدل من حجابها سريعا وهى تتمتم متبرمة
يا طنط كل صحابتى بيلفوا طرحتهم كده
كانت والدته تنظر إليها فى صمت وشرود وهى تتحدث وتمط شفتيها وتتمتم فى ضيق وتحرك يديها فى سرعة لتثبت دبابيس الحجاب جيدا حتى انتهت والتفتت إليها قائلة
ها كده كويس
أومأت لها والدته وقالت 
كويس.. يالا بقى علشان متتأخريش على مدرستك أكتر من كده
ألقى فارس نظرة سريعة على حجابها واستدار
 

تم نسخ الرابط